الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

بين سوريا و فلسطين نبحث عن القنبلة

بين سوريا و فلسطين نبحث عن القنبلة
.
بقلم / محمد زكي عيديد
.
جلسنا على طاولة العام الهجري الجديد ولا وجود فيها لطبق السلام، لا تحمل على ظهرها سوء أعباء ومخلفات ما سبقه من أعوام، أعباء ستثقل كاهل هذا العام اليتيم الذي لم يترك لنا مجالاً لنتفاءل نحوه، فها هو العام الفائت الذي تفاءلنا فيه وهو أسود الأعوام بدأ بحرب اليمن، وانتهى باقتتال تركي داخلي، وتفجيرات هزت العاصمة التركية ولأول مرة مندو عقود، فيختم نهاية النهاية بمشكلة اللاجئين العرب في أوروبا ويليه الانتحار الروسي في سوريا بتدخل عسكري مباشرة، أين نتفاءل ؟.
كنت قد كتبت سابقاً بأن الحرب في اليمن - بدايتاً باجتياح الحوثي لصنعاء ونهايتاً بالتدخل الخليجي لدعم حكومة الشرعية  بقيادة الرئيس اليمني عبدربه هادي - هي قنبلة العام الفائت ، ندرك ضعف بصيرتنا و نجدد قناعتنا فلم نكن نعلم بأن المفاجئة أو القنبلة الحقيقية قادمة من شمال الكرة الأرضية "موسكو" على بعد عشرات الآلاف من الكيلومترات ، و هو التدخل الروسي المباشر في سوريا و الذي ربما يمهد لقنابل أكبر حجماً في القريب العاجل، ستجعل ما عايشناه من انتهاكات إنسانية أهون من سابقاتها و لا نتمنى هذا، فلا نعرف ما يخبأه القدر ولا يوجد مجال للسلمية .
بحثاً عن قنبلة العام، وهناك الكثير من الأحداث المرشحة لتكون القنابل، وعلى كل الاتجاهات في عالمنا العربي، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، أهي الانتفاضة الفلسطينية المباركة بالسكاكين، فلم تترك دولة الاحتلال سبيلاً للسلمية ولا طريقاً للسلام هي ومستوطنيها، الذين أتوا إلى الضفة الغربية وقلوبهم ملأ بالحقد والبغضاء للفلسطينيين، أرادت حكومة الاحتلال أن تجعل لها وطأة قدم في الضفة ببناء المستوطنات.
ما أكثر مقاطع الفيديو التي تبرز شجاعة الشُبان الفلسطينيين، وهم يقومون بهذه العمليات "الانتحارية" ولا نبالغ، والتي تنتهي في الغالب بقتلهم أو أسرهم وجرحهم أحيانناً، فلم تنجح حكومة الاحتلال باحتواء ما سمتها "الإرهاب الفلسطيني"، مما أطرها إلى استدعاء الاحتياط، وفي نفس الوقت طلبت من عباس أن يقوم بقمع هذه الانتفاضة قبل أن تأخذ منحى عالمي، عندها ستطّر حكومة الاحتلال بإيقاف سياساتها بما يتعلق بالقدس والمستوطنات التي تُبنى للمتطرفين من الإسرائيليين وبشكل مستفز للاتفاقيات المبرمة بين الطرفين السلطة و دولة الإحتلال، أهي القنبلة القادة ؟.
ومن فلسطين إلى تركيا أبحث عن القنبلة، أهي على الحدود السورية التركية، أم في الأجواء بينهما والتي تعج بأحدث مقاتلات الجيل الخامس والرابع في العالم، أم على التراب السوري الذي يحمل على ظهره أكبر تجمع للإسلام المتشدد في العالم وبحجم دول، أم على حوض المتوسط الذي يشهد أكبر حشد عسكري بحري بكل الألوان السياسية المخالفة والمتفقه، فلم يعد الخليج العربي حلقة النار السياسي، فقد أخد المتوسط هذا اللقب وبجدارة.
التدخل الروسي في سوريا -وإن أُعلن على أروقة السياسة بأنه حرب ضد الإرهاب – يحمل نبرة تحدي واضحة، تجعل حكمة الدول في الطرف المعارض للنظام على المحك، فلا نعرف ما هو الرد الذي تخبؤوه هذه الدول لتوازي الخطوة الروسية في سوريا، وفي اعتقادي جعل الروس خطواتهم صعبة الرد، بحيث عندما تريد هذه الدول أن تضع حداً للخطوة الروسية، فلا بد عليها أن تتخذ خيارين أحلاهما مر وهما كالتالي:
1) أن تتدخل هذه الدول بشكل مباشر في الحرب لتوازي الخطوة الروسية التي رجحت الكفة للنظام السوري، وبتقديري الشخصي هذه الخطوة صعبة فكل هذه الدول إما غيرت أولوياتها تجاه سوريا أو تعاني مشاكل سياسية أو حروب على حدودها أو إرهاب يدق أمنها.
2) أن تُقدم أسلحة كاسرة للتوازن للمعارضة السورية، وبنظرنا خطوة صعبة لسببين وهما كالتالي:
يستخدم الروس في سوريا طائرات جيل رابع وجيل أربع ونص، وهي طائرات متقدمة جداً، فيتطلب إيقاف هذا النوع من الطائرات منظومات معقدة مثل جداً وحديثة، تتطلب كوادر مدربة ومحترفة يأخذ تدريبها وقتاً، وهذا ما ليس في صالح المعارضة، وقبل هذا وذاك هل ستعطى منظومات مثل "باتريوت" الأمريكية إلى المعارضة السورية وهي بالكاد تحصل على صواريخ تاو الأقل منها أهمية، دول لم تستطع الحصول على هذا النوع من السلاح.
هناك تخوف من وصول هذه الأسلحة إلى جماعات تعتبر في التعريف الغربي والعربي "إرهابية"، فهل ستحصل المعارضة السورية "الجيش الحر" على هذا النوع من السلاح وهي منخرطة في تحالف عسكري مع جبة النصرة "تنظيم القاعدة السوري" المصنف على قائمة الإرهاب، سبق ورأينا جبهة النصرة تستخدم صواريخ تاو الأمريكية وبكثافة، وهي نفس الصواريخ التي قدمت للمعارضة السورية يوماً ومازالت تُقدم، فهل نستطيع القول بأن التفوق الروسي في سوريا سيُردع ؟!، ونعتبر أن ماهية الردع ستكون قنبلة العام إن حصلت، أتوافقونا؟
لا نعرف أين ومتى وكيف ستنفجر القنبلة أو القنابل إن صح التعبير، فلا توجد أرض أو وسط مسالم، وبالتأكيد الأمريكيين حينما قالوا بأن الروس سيفشلون في سوريا لن ينتظروه حتى يفشل، وإنما سيساعدون على فشله وإن تعاونوا أو تساهلوا مع نفس التنظيمات التي يعتبرونها اليوم "إرهاباً" ، وبدوا بدعم الأكراد بالسلاح علنناً و غيروا استراتيجية تدريب المعارضة المعتدلة إلى دعمها المباشر على الأرض بالسلاح و الطيران و بدون حتى أن يخجلوا من حلفائهم الأتراك الذين ينظرون إلى دعم الأكراد بالريبة ، و لم يأتي قصف الأمريكيون لمحطات تزويد حلب بالكهرباء من ، فهنا خطوة توازي الخطوة الروسية عندما قصفوا مواقع للمعارضة المعتدلة "الفاشلة" - التي دربتها الولايات المتحدة – يريدون أن يفهموا الروس بأن تهديد المصالح يقابل بتهديد المصالح ، ولهذا نجدد و نقول بأن سوريا المرشح الأكبر بأن تكون قنبلة العام لكن ربما تكون هذه المرة أممية تفوق قدرة الأرض السورية على استيعاب الأمريكيون و الروس معاً ، و مع كل هذا هناك متفائلين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قالب تدوينة تصميم بلوجرام © 2014