الجمعة، 27 نوفمبر 2015

شكراً أنقرة على الهدية؟! إليكم تحليل من زاوية أخرى

شكراً أنقرة على الهدية؟!
إليكم تحليل من زاوية أخرى
   زادت حدت الصراع على الأرض السورية مندو الوهلة التي حطت فيها موسكو رحالها في دمشق، و نقلت آلتها الحربية إلى أكبر بؤر الصراع في العالم - الشرق الأوسط الساخن الذي لم يعرف يوماً الهدوء ، و لكن ما ملم تستوعبه عقولنا، العملية "الانتحارية" التي قامت بها تركيا على حدودها عندما أعلنت إسقاط طائرة روسية من طراز سوخوي 24 ، قالت إنها اخترقت أجواءها الإقليمية .
  "البلاستيكية" هي التصرف الغالب في الدبلوماسيتين الروسية والتركية حتى إسقاط الطائرة الروسية، والتي أشعلت ناراً روسية أذابت كل بقايا البلاستيكية الهشة في أصلها، وبدورها كانت التصاريح الروسية نارية مزلزلة، أُتُهِمت من خلالها تركيا بالتمويل الرسمي للإرهاب، بل وتعمقت أكثر لتصف مسؤولين في الدولة التركية ورجال أعمال بالتعامل مع تنظيم الدولة عن طريق سماسرة لها لبيع النفط بأبخس الأثمان.
ما بعد السقوط:
   لا نخفي قلقنا من شدة اللهجة الروسية الموجهة إلى تركيا من جراء "الطعنة في الظهر" كما وصفها بوتن كأبرز تعبير لاذع قاله بحيث تفرض معها الكثير من المعادلات الجديدة على الأزمة في سوريا والتي نوجزها في التالي:
·       ألغت طابع الصراع السوري المعروف "معارضة ضد حكومة" ، بحيث دخلت القوى الكبرى في وتيرة الحرب دون أن تتصادم مع بعضها، فتركيا و قطر و السعودية و فرنسا و أمريكا و بريطانيا مع المعارضة و المعارضة المعتدلة ، بينما روسيا و إيران و الصين و لو بشكل غير مباشر مع سوريا النظام.
·       أتلفت تذكرة الحل السلمي في سوريا إلى أمد غير معروف، فقد كانت آخر التصاريح التي أدلت بها المستشارة الألمانية ميركل قولها بأن العملية التركية عرقلت الحل السلمي وزادت من تعقيداته.
  ·  يصبح النظام السوري رقم صعب في المنطقة وسقوطه يزداد صعوبة مع مرور الوقت، في نظري الشخصي هناك ثلاثة سيناريوهات أمام التدخل الروسي لا رابع لها و هي : إما أن يفشل أو ينجح أو الحالة الوسط التي ستجعل النظام السوري يصعب إسقاطه و سيكون سمًّا على المعارضة إن تحقق، و هي التي تغني كل يوم على ضعفه.
·       بخرت المشروع التركي "المنطقة الآمنة" أو "الحظر الجوي"، رغم الغارات الكثيفة الروسية و استخدامها لأسلحة عنقودية و فسفورية محرمة دولياً إلا أنها تركت نفساً دبلوماسياً لتركيا بحيث أنها تبتعد عن الحدود التركية السورية "الشريط السياسي" و أبقت قوتها القاهرة في موسكو، و اقتصرت على منظومات متوسطة المستوى لتحمي عملياتها كما تدعي و الذي بتوه يستفيد من النظام من هذه الآلة الحربية، و كانت القاذفات تنطلق إلى عملياتها دون حماية مقاتلات اعتراضية، انقطع هذا النفس الدبلوماسي فلم يعد الشريط السياسي آمنا من الطيران، و أصبحت نصف سوريا تحميها أفضل منظومات الدفاع الروسية و العالمية و شهدت المناطق ما بين أعزاز و جرابلس – التي تريدها تركيا منطقة عازلة بطول 110 كيلو و عمق 50 كيلو – هجوماً عنيفاً من قبل الطيران الروسي كرسالة واضحة المعاني لأنقرة، ومع تواجد منظومة S400 أصبح الروس هم من يفرض الحظر الجوي في سوريا إن أرادوا و ليس تركيا.
·       ازدياد وتيرة العمليات الروسية والتي ستحمل طابعاً متشدداً هذه المرة والتي بدورها ستزيد الحالة الإنسانية سوءاً.
الهدية:
مرت أصعب حلقات التوتر التركي الروسي بعدما أعربت موسكو عن طبيعة ردها والذي سيحمل في طياته حرباً دبلوماسية تطال كل زوايا العلاقات بين البلدين كما ورد على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن حيث قال بأن إسقاط الطائرة سيرتد سلباً على العلاقات بين البلدين، فبدأتها موسكو بالقطع الكلي للعلاقات العسكرية مع أنقرة وزادت موسكو الحضور العسكري في سوريا مع زيادة وتيرة العمليات "المتشددة" والتي تطال كل متر على التراب السوري.
نصبت موسكو منظومة الـ S400 في قاعدة حميميم كما وعدت و بدأ الطراد الروسي موسكافا يرابط على سواحل اللاذقية لحماية أجوائها بصواريخ الـ S300 و الصواريخ المجنحة المضادة للسفن و حاملات الطائرات، و أعلنت موسكو عن نيتها استقدام 12 طائرة مقاتلة سترافق القاذفات أثناء المُهمات في سوريا، و التي كان آخرها الإغارة على رتل مكون من 7 حافلات بين معبر باب السلام الحدودي و مدينة أعزاز و التي تبعد أقل من كيلو متر واحد عن الحدود التركية، أي أن الغارات الروسية أصبحت تحت النوافذ التركية تماماً و لأول مرة يشاهدها الجيش التركي على مرأى العين المجردة و التي تحمل في طياتها أبلغ المعاني لأنقرة و العنوان لم تعد هناك أعراف بيننا في الصراع.
وقفت متمعناً وأنا أسمع كلام أحد المحللين العسكريين المحسوبين على النظام السوري وهو يقول متبسماً كان طموحنا عند الـ S300 فجاءتنا الـ S400 ، أين انتصرت أنقره بربكم؟ فقط أسقطت طائرة و قتلت طيار ، بينما دمشق تحمي أجواءها أفضل منظومة في العالم و تحرس سواحلها أفضل سفن العالم و ترابط على ترابها أفضل دبابات العالم و "سيدة الشوارع" كما يقولون الـ T90 الروسية و التي أدخلتها روسيا مؤخراً في الصراع. أفضل هدية قدمتها أنقرة إلى دمشق و المعنى بلاغي و لكم التعليق.
 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قالب تدوينة تصميم بلوجرام © 2014