الخميس، 21 مايو 2015

اليمن. والمطب الكبير! على طاولة التحليل

اليمن. والمطب الكبير! على طاولة التحليل
  المطب الكبير أو العقبة الكبيرة التي تنتج عن الأخطاء المتراكمة أو بمعنى ديناميكي التسونامي السياسي، كلها مصطلحات مصبها واحد، ألا وهو قلب الطاولة على صاحبها، بشكل غير متوقع ومن أقرب المقربين له أو أحياناً من نفس أيدولوجياته، ولكن ما هو هذا المطب الكبير؟ وما هي مثيلاته؟

المطب الكبير:
   عندما نقلب الأحداث اليمنية بالتتالي، نستنتج بأنه هناك معادلة جديدة في تاريخ اليمن الموحد، تتشكل وتحل نفسها بقاعدة الواقع المناسب، ولأول مرة وهي القضية الجنوبية، ولكن على الصعيد العسكري، وهذا ما تملكه المرحلة من الجديد، ولكن كيف؟
  من عاش في اليمن، وعرف طبيعة أهلها، يدرك جيداً بأن القطاع الكبير من الجنوبيين يكرهون الوحدة اليمنية، وهم السواد الأعظم من أبناء الجنوب اليمني، تمّ حلبهم باسم الوحدة على مدى 25 عاماً في ثرواتهم التي تنهب، ولا يتمتعون بأي تمثيل، هذا على أساس أنهم قدموا دولة، فمن المفترض والمنطقية أن يناصفوا الشطر الشمالي المتفرد بكل شيء في البلاد، ولكن لم يحصل هذا.
 ضل نضالهم يوازي حدود السلمية على مدى العقود المنصرمة، يُشْحنون دوماً بالكره والبغضاء اتجاه كل من يقطن في اليمن الشمالي، حاكم أو محكوم، فشعوبهم لا تعرف لغة السلاح، واعتادت على السلمية، إلى أن جاء الفرج بعملية عاصفة الحزم التي وفرت لها مالم يوفر خلال العقود الثلاثة في شهر واحد، ألا وهي عاصفة الحزم.

ما هو المطب؟ ولماذا هكذا توصيف؟
   مندو اللحظات الأولى لمتابعتنا لعاصفة الحزم، ونحن نرى أعلام الحراك الجنوبي على كل ما هو عالي في مدينة عدن التي تعتبر أكبر من رمز للجنوبين اليوم، بل هي في نظرهم المنطلق الأول للتحرير من العبودية للشماليين كما يعتقدون ويؤمنون بأنها حرب شمالية جنوبية.
  ترسم أعلام الجنوب على جدران المدن الجنوبية، وترفع الأعلام في المدارس ويُنشد النشيد الوطني الجنوبي علانية، وبكل وضوح، ولكن ما حدد هذا المصطلح "المطب الكبير" وجود علم الجنوب ولأول مرة على الدبابة و المدرعة ويحمله ملقم المدفعية، وحامل الـ RBG، والمتدرب على الكلاشنكوف، كلهم يهتفون ستتحرر الجنوب ولن يتكرر سناريو عام 1994م، كما يقولون .

 المتحالفين والأجندة المختلفة:
   للوهلة الأولى يظن الكثير من المتابعين للأحداث اليمنية في الخارج أن الحرب بين طريفين متكاملين وهما:

   الطرف الأول: يضم هذا الطرف حركة أنصار الله الحوثية والضباط المؤدين للمخلوع - الرئيس السابق لليمن - علي عبدالله صالح، لا يعترف هذا الطرف بشرعية عبدربه، و بتقديري الشخصي، قوته العسكرية و جناحه السياسي على توافق، و يمثل ما نسبته 50% من المنتسبين للقوات المسلحة يأتمرون من الضباط الموالين لعلي عبدالله صالح كما أشار أحد التقارير لقناة الجزيرة.
    الطرف الثاني: يضم الطرف الثاني كلاً من الضباط الموالين للعبدربه و هم قليل -  بالإضافة إلى اللجان الشعبية أو المقاومين، و يسمونهم قوى الشرعية أو الموالية للرئيس الشرعي، و بتقديري الشخصي أرى أنهم أقل توافق من الطرف الأول، بين الجناح العسكري و قيادته السياسية.
  ولكن لا حقيقة لهذا التكامل المزعوم، فإن كان ما يجمع الطرف الأول المصلحة، فعلى الأقل هناك هدف واضح يعمل عليه الجميع، وهو اجتياح كافة اليمن، والقضاء على "الدعشنة"، ولكن عندما نراجع تكاملية الطرف الثاني نجدها في خلل وهذه أسبابنا:
1.      اختلاف الرؤى والأهداف: فإن كانت حكومة عبدربه تهدف إلى إخضاع الحوثي والمخلوع وجلبهم إلى طاولة الحوار، وإجبارهم على التراجع وإخراجهم من صنعاء، فلا أعتقد "أنا" بأن المقاومين في عدن وغيرها من المدن الجنوبية وهم السواد الأعظم من قوة عبدربه العسكرية، يؤمنون باليمن أصلاً ناهيك عن تحريرها، فلا أعتقد "أنا" أيضاً، بأن أولئك الذين يهتفون قائلين الحرب "شمالية جنوبية" سيذهبون إلى صنعاء وسيصلون إلى كهوف الحوثي في صعدة، ربما سيكتفون فقط بتحرير أراضيهم الجنوبية، وليبحث بعدها عبدربه عن مقاتلين يشعلون له الجبهات، لتطول إقامته في الرياض.
2.     فقدان أي تناغم بين الجناح السياسية والعسكري: يشاع هذه الأيام وصف الحكومة اليمنية في الرياض بـ "حكومة المنفى" ، و يوصف عبدربه شخصياً بأنه العميل الأول للمخلوع، كما تصرح حسابات الإعلاميين المؤيدين للمقاومة في عدن، فنستطيع القول: إن وجود الحكومة اليمنية "الشرعية" في المنفى يقضي على كل التناغم بين الجناحين العسكري و السياسي، فأبسط توصيف لهذا التوجه هو: كيف لأوامر لم يتم تطبيقها و أنت في اليمن يا عبدربه فكيف ستطبق و أنت في منفاك، فلهذا لم تعد اللجان الشعبية في الجنوب متناغمة مع حكومتها و التي من المفترض أنها الجناح السياسي لها، و نجد عكس هذا عند المخلوع و حركة الحوثي، بتماسك جناحه السياسي و العسكري.
3.      الكره الشديد المتبادل بين الشمالين والجنوبين: التحرك الذي قام به كلاً من الحوثي والمخلوع في أنحاء الجمهورية اليمنية، جلب معه ثلاثة متغيرات وهي: [خلق نوبة الكراهية، أجج للفتنة الطائفية، نقل الحراك الجنوبي من الكفاح السلمي إلى المسلح].
   لا ننكر بأن مخلفات النظام السابق زرعت الكراهية بين الشمال و الجنوب، ولكن تحرك المخلوع والحوثي قضى بشكل كلي على أي مبادرات يمكن أن تنشئ حتى مثقال درة من تواد بين الشعبين، وحرق معه كرت مؤتمر الحوار الوطني الذي كان يعول عليه كثيراً.
  بلغت الفتنة الطائفية مبلغ لا يمكن تحمله فأصبح القتل في اليمن على الهوية حتى بين الطائفة الواحدة السنية السنية، وأصبحت الخطابات تُذكرنا بسوريا والعراق وكالات الفشل -  مثل "الدواعش والتكفيرين والحوافش و المجوس و أبناء المتعة....ألخ".
ما حصل عليه الحراك الجنوبي خلال شهر واحد، لم يحلم به حتى على مدى العقود المنصرمة في تاريخ اليمن الموحد، من سلاح ومال ودعم جوي لأقوى قوة جوية في الإقليم، ودعم لوجستي ودبلوماسي، مما أدى إلى ظهور قضيته على الأولويات العالمية أو الأجندة العالمية لتناقش في مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة.

من المستفيد؟
   بتقديري الشخصي "المطب الكبير" هو نفسه الحراك الجنوبي لكن المسلح، الذي سيُفشل عبدربه سياسياً ودبلوماسيا، وسيجعل حلفاؤه يغردون خارج السرب على الصعيد العسكري والسياسي، فلا نريد أن نطلق عموميات وكلام إنشائي، فما لدينا هي تجربة المعارضة السورية مع النظام السوري.
  فعندما أدخلوا المجاهدين أفواجاً إلى سوريا، انضموا إلى داعش وأخوتها، بل شكلوا العبء الأكبر على الجيش الحر مما أدى إلى تقويضها في المنطقة وضعف دورها، وأيضاً كانت سبباً في تبدل أولويات كثير من الدول حول سوريا، باعتبار أن الأولوية القضاء على الإرهاب في سوريا وليس النظام، ولا يهتمون إن تحالفوا حتى مع النظام في سوريا من أجل القضاء على الإرهاب، فاليوم هل تسمعون أحداً يعرف رئيس المعارضة في سوريا؟!، وهذا بعكس بداية الصراع في سوريا حيث كان معاذ الخطيب يرفض مقابلة رؤساء دول مثل الرئيس الروسي.

 فنستطيع القول بأن حكومتنا تنسخ الحدث سوري نسخ، فهي الآن حكومة فُندقية، ولا تضمن في نفس الوقت بأن المقاومين من اللجان الشعبية في عدن وغيرها سيلاحقون المخلوع إلى بيته في صنعاء، وكما قلنا سابقاً الجنوبيون سيحررون أراضيهم الجنوبية فقط، وسيتركون ما تبقى لعبدربه، أي أنها ليست محسوبة على الجيش اليمني الشرعي، مثلها مثل المجاهدين الذين دخلوا سوريا، لم يكونوا محسوبين على الثورة السورية أو الجيش الحر، وهذا سبب نكبت المعارضة في سوريا، فهل نستطيع القول بأن المخلوع استفاد من سنين الفساد التي خلفها؟ عن طريق الأموال التي سلبها، وأثير الكراهية الذي زرعه بين الشماليين والجنوبيين، ولكن ما أحب أن أقوله: إذا انتقل الصراع إلى السلمية انتصر المخلوع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قالب تدوينة تصميم بلوجرام © 2014